فـوائد مختارة من كتاب الفـوائد
لابن القيم (ت:751)
1- ماذا يفعل من يريد أن ينتفع بالقرآن ؟
إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه ، وألق سمعك ، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه ، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله . [ 9 ] .
2- ما تفسير قوله تعالى(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)؟
قوله ( إن في ذلك لذكرى ) إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى ههنا ، وهذا هو المؤثر .
وقوله ( لمن كان له قلب ) فهذا هو المحل القابل ، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله .
وقوله ( أو ألقى السمع ) أي وجّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له ، وهذا شرط التأثر بالكلام .
وقوله ( وهو شهيد ) أي شاهد القلب حاضر غير غائب .
3- على ماذا يدل إخبار النبي بالأقوام السابقة كنوح وعاد وثمود وأن الله أهلكهم لما كذبوا رسله ؟
هذا تقرير لنبوتهم ولنبوة من أخبر بذلك عنهم ، من غير أن يتعلم ذلك من معلم ولا قرأه في كتاب ، بل أخبر به إخباراً مفصلاً مطابقاً لما عند أهل الكتاب .
4- ما المراد بقوله ( ونحن ) في قوله (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) ؟
قال شيخنا : المراد بقول ( ونحن ) أي ملائكتنا ، كما قال تعالى (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) أي : إذا قرأه عليك رسولنا جبريل . قال : ويدل عليه قوله ( إذ يتلقى المتلقيان ) فقيّد القرب المذكور بتلقي الملكين ، ولو كان المراد به قرب الذات لم يتقيد بوقت تلقي الملكين .
5- ما معنى قوله تعالى ( وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ) ؟
أخبر سبحانه أن قرينه وهو الذي قرن به في الدنيا من الملائكة يكتب عمله .
وقوله يقول لما يحضره : هذا الذي كنت وكلتني به في الدنيا قد أحضرته وأتيتك به ، هذا قول مجاهد .
وقال ابن قتيبة : المعنى هذا ما كتبته عليه وأحصيته من قوله وعمله حاضر عندي .
والتحقيق أن الآية تتضمن الأمرين، أي هذا الشخص الذي وكلتُ به، وهذا عمله الذي أحصيته
عليه .
6- ما معنى قوله تعالى ( مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ) ؟
هذا يعم منعه للخير الذي هو إحسان إلى نفسه من الطاعات والقرب إلى الله ، والخير الذي هو إحسان إلى الناس ، فليس فيه خير لنفسه ولا لبني جنسه كما هو حال أكثر الخلق . [ 20 ] .
7- ما معنى قوله تعالى (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ .... ) ؟
قيل : المراد بذلك قوله تعالى ( لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) ووعده لأهل الإيمان بالجنة وأن هذا لا يبدل ولا يخلف ، وهذا أصح القولين في الآية .
وفيها قول آخر : أن المعنى ما يغير القول عندي بالكذب والتلبيس كما يغير عند الملوك والحكام . [ 22 ] .
8- ما حقيقة الإنابة ؟
حقيقة الإنابة عكوف القلب على طاعة الله ومحبته والإقبال عليه .
9- ما معنى قول النبي لعمر ( وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) ؟
قالت طائفة منهم ابن الجوزي : ليس المراد من قوله ( اعملوا ) الاستقبال ، وإنما هو للماضي ، وتقديره : أي عمل كان لكم فقد غفرته ، لكنه ضعيف من وجهين :
أحدهما : أن لفظ ( اعملوا ) يأباه ، فإنه للاستقبال دون الماضي .
الثاني : أن نفس الحديث يردّه ، فإن سببه قصة حاطب ، وتجسسه على النبي ، وذلك ذنب وقع بعد غزوة بدر لا قبلها .
فالذي نظن في ذلك – والله أعلم – أن هذا خطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم بل يموتون على الإسلام وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من الذنوب ، ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها بل يوفقهم لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك ، ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم ، لأنه قد تحقق ذلك فيهم ، وأنهم مغفور لهم