لا يستطيع أحد أن يضع لهذه الكلمة ( السعادة ) تعريف موحد يناسب الجميع فكل شخص ينشدها بشكل مختلف ويراها في جوانب تلمسه وليس بالضرورة أن تلمس غيره ... فالواقع أنها إحساس داخلي يشرق على نفسك وروحك وينعكس على ملامح وجهك وتصرفاتك لترى الدنيا أكثر جمالاً ويزداد حبك لمن حولك وتتضاعف قدرتك على العطاء وفرصك للنجاح ... ترى نفس الأشياء التي كنت تراها من قبل فتجدها مختلفة ومتألقة .... وتتألق معها الابتسامة على وجهك كلحن يعلن انجلاء شجن القلوب وهموم الحياة ...
ولا نستطيع حصر أسباب السعادة فقد تسعد بالمكان وقد تسعد بالصحبة وقد تسعد بالمال وقد تسعد بإثبات ذاتك ونجاحك ... إلا أنني أعود لنقطة أنها تنبع من داخلنا وبإمكاننا التحكم بها إلى حد كبير فأنت عندما تحصل على شيء تريده تشعر بالسعادة ليس لأنك امتلكت كل ما تريد ولكن لأنك في لحظة نسيت بقية الأشياء التي تحتاج إليها ... فالحياة هنا منحتك خيط السعادة لتتبعه وبإمكانك أن تجعله يطول وتغزل من الخيط نسيج بألوان بهيجة ... أو تقطعه و تقتل الفرحة في لحظة مولدها بالأفكار السلبية .... وهنا تلعب طبيعة شخصية الإنسان دور كبير ليكون سعيدا أو شقيا ، فالبعض لا يعرف القناعة ولا يرضى بما يملك بل يهوى النظر إلى نصف الكوب الفارغ وان ملأته له بالمزيد يبقى تركيزه على الجزء المتبقي فلا يروي عطشه أبداً ولا يستمتع بما يملك ويقتل بسخطه كل طموحاته ... والبعض تسيطر عليه الأفكار السلبية والذكريات المؤلمة ليحيا أسيرا لها وينظر للمستقبل بمنظار قاتم لا مساحة فيه لاختراق النور ...
كلها أساليب تفكير تحكم شخصياتنا وتجعلنا نركض خلف السعادة ونبحث عنها حتى تصبح بين أيدينا فنركلها بأقدامنا ....
أذكر كتابا شهيرا بعنوان ( بالرغم من كل شي بإمكانك أن تكون سعيدا ) يقول الكاتب : " السعادة هي الحاضر ..هي هذه اللحظة وهذا المكان حيث تعطي عقلك لحظة استرخاء ... تتذكر كل ما تملك وتستمتع بالسعادة دون أن تعلق أسبابها على أحداث معينة تترقبها أو تصور محدد لا تحيد عنه ... فكر كيف تكون سعيدا الآن فقط ".
ولم أتمكن من الاقتناع برؤية الكاتب في مسألة تعطيل العقل ... فشعرت بها ( السعادة البلهاء ) يحتمل أن تنجح في الأحوال البسيطة ولكن إذا اتبعها الإنسان وسيطرت عليه فكرة كيف أكون سعيدا الآن ليتخذ على أساسها قراراته واختياراته بما فيها المصيرية فمن الطبيعي أن تتحول هذه السعادة الوقتية إلى شقاء ...
ما نتفق عليه جميعا هو أن السعادة غاية وما أراه أنها ليست حدث ولا أشخاص بل هي الإحساس والسر النائم بداخلنا يترقب أن نوقظه بخبر خارجي ..... ويتأمل أن يرشدنا أحد إلى طريقه بالإيمان و القناعة والأمل والثقة والتفاؤل .... بهذا ، وبهذا فقط تتغير نظرتنا للحياة ونتمكن من استقبال مؤشرات السعادة واحتضانها بقوة فالعمر لا يحتمل كل هذا الحزن والحياة لا تستحق كل هذا الهم
و كل يرى السعادة ويشعر بها بشكل مختلف ...
شكرا أتمنى أن الموضوع أعجبكم .....