«الفيس بوك».. نافذة بناء وهدم
اكد طلبة وأكاديميون ان موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» بات من أكثر المواقع التفاعلية تصفحا لكونه النافذة التي تشرف على العالم ويسهم بمد مزيد من جسور التواصل بين الثقافات العالمية، محذرين في الوقت ذاته من هذه المواقع في حال سوء استخدامها.
وفي السياق قال استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي ان مواقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» وغيرها باتت في غاية الأهمية إذ لا يستطيع الغالبية الاستغناء عنها خصوصا فئة الشباب نظرا للخدمات التي يقدمها الموقع والتي تسد حاجاتهم من استخدامهم لهذه التقنية.
وحث د. الخزاعي الشباب على ضرورة توظيف استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للاغراض الايجابية, وليس لملء الفراغ والتسلية واللعب فحسب لان هذه المواقع تشكل أرضية خصبة للتعليم المستمر والتثقيف وتعزيز المشاركة والعمل التطوعي والتواصل مع أصحاب القطاعات الواحدة من أكاديميين ومثقفين وكتاب وغيرهم.
واشار إلى ان استخدام الفيس بوك شهد ثورة كبيرة في عدد مستخدميه في الوطن العربي إذ بلغت نسبة الزيادة 400 % خلال الخمس سنوات الماضية، أما بعد الثورات العربية في ( تونس ومصر ) فقد ارتفع عدد المشتركين بنسبة خيالية حيث بلغ عددهم 26 مليون مستخدم بينما في العالم بلغ عدد المستخدمين (600) مليون مستخدم، وان متوسط الأصدقاء عبر الفيس بوك للشخص الواحد يبلغ 110 أصدقاء.
وينوه بان الاتصال بالعالم الخارجي عبر (الفيس بوك) مفيد, لكن ليس على حساب التواصل داخل الأسرة, وتبديل الاولويات والجلوس لساعات طويلة دون إي فائدة الى جانب تراجع معدل المطالعة اليومية للطلبة وتأخيرهم عن القيام بواجباتهم المدرسية أو الجامعية أو التواصل والتفاعل مع المجتمع.
ودعا إلى ضرورة عدم اخذ جميع الرسائل التي تبث عبر الفيس بوك على محمل الجد وبانها مصدقة اذ ان كثيراً من الإشاعات والافتراءات والخداع وتضليل المعلومات يتم عبر الفيس بوك، لذا يجب الحرص على عدم المبالغة في المصداقية وتغليب العقل على العاطفة وعدم تصديق الأخبار الكاذبة والملفقة.
وفي البعد الاجتماعي حذر د. الخزاعي الأهالي من متابعة جلوس أبنائهم أمام شاشات الحواسيب وعدم السماح لهم بإغلاق أبواب الغرف لفترات طويلة لان ذلك يحول دون لقائهم بأفراد عائلاتهم ما يشكل عقبة أمام الحوار الأسري والتعاون والمشاركة ,إذ يقوم الأطفال بتغير في تواريخ ميلادهم لفتح حسابات خاصة على الفيس بوك, اذ بات من المعروف ان التفعيل يجوز للبالغين وليس للأطفال منوها إلى خطورة هذا الأمر.
وقال ان عناصر الجذب الموجودة عبر تلك المواقع تقدم إغراءات تجعل المتابع لها متسمرا أمام الشبكة العنكبوتية متناسيا محيطه الخاص به الأمر الذي يشكل خطورة بالغة عليه تجعله أسيرا للعزلة حتى لو انه يستقي من مصادر متنوعة معلومات أو أخبارا , غير انه يتحول مع مرور الوقت إلى مطلع ومتحدث في شؤون عالمية ومفتقد للإطلاع على شؤونه ضمن محيطه الصغير.
واعتبر أستاذ اللغة العربية الدكتور عماد الضمور إن الحديث عن الفيس بوك، هو حديث عن جذر معرفي مهم، بدأ يتغلغل في حياتنا، فيطلق عليه تارة شبكة التواصل الاجتماعي، وتارة أخرى يُعرف بالشبكة الخفيّة، وهو في كلتا الحالتين يعكس عن ثقافة معرفية ونمط سلوكي جديد بدأ يسير معنا، وبخاصة الشباب منهم، مما يُظهر دور هذا الزائر المعرفي في توجيه السلوك، وغرس القيم، وتعزيز السلوكيات.
وزاد بالقول ونحن نتعامل مع هذه الأداة المعرفية فهي من الناحية الإيجابية أسهمت في تعزيز ثقافة الانترنت بوصفه أهم وسيلة معرفية لتبادل المعرفة، واكتساب الثقافات،وعلاوة على ذلك فالفيس بوك وسيلة لرؤية العالم من نافذة واسعة، تُطل على الجميع، ومن أجل الجميع ولكن كحال أي وسيلة تكنولوجية طارئة على المجتمع، فإن الفيس أصبح وسيلة لذوي النفوس المريضة؛ لتسميم الأفكار، وبعث الفتن، والدعوة إلى الانحراف بكافة وسائله، مما يقتضي من الجميع تنبيه الشباب إلى ضرورة التعامل بحذر مع هذه التكنولوجيا.
من جانبه قال أستاذ المجتمع المحلي الدكتور لؤي بواعنة ان الفيس بوك هو إحدى وسائل الاتصال العالمية الحديثة والتي باعتقادي أرادوا منها خدمة البشرية وخدمة انفسهم , إلا انه مع ظهور مفهوم العولمة والتي أصبح فيها العالم قرية صغيرة وما رافق ذلك من تطور فائق لوسائل التكنولوجيا تغير وانحنى مفهوم الفيس بوك عن غرضه الأساسي والهدف الذي وجد من اجله فأصبح سلاح ذا حدين «بناء وهدم».
واضاف فبعد أن كان وسيلة اتصال بين الافراد بالمعنى الايجابي أصبح سلبيا رغم انه جامع لأبناء الوطن الواحد والأمة الواحدة والمختلفة للتعرف على أفكارهم وآرائهم وطموحاتهم وصورهم الايجابية ورابط بين الحضارات من خلال لغات عدة لأننا كبشر نعيش ولدينا رغبات وحاجيات كالتعارف واكتشاف ما هو غير معروف وماهو جديد ومفيد ومعرفة ما ينقصنا وما يضرنا , وهذا شيء ايجابي , الا إن هذا المفهوم التوى عن مقصده , وغير وجهته كالدواء الذي يوصف للمريض إذا لم يستخدم في مكانه ووقته والوصف الدقيق له يصبح ضاراَ ومميتا أحيانا.
ورأى د. البواعنة ان الحواجز الأخلاقية انعدمت في ظل هذا التقارب التكنولوجي وأصبح إشباع الرغبة سهل المنال لدى بعض الفئات الرخيصة من الجنسين وكل ذلك مرده انعدام الوازع الأخلاقي والديني فنحن مع التعاون وحب المعرفة الإنسانية والانفتاح الإنساني لكن بحدود.
واضاف قائلاً أن نتعرف على عادات وتقاليد الشعوب العربية والأخرى, وأن يكون لدينا أصدقاء وصداقات في كل دول العالم بقصد خدمة البشرية والطبيعة وحتى الخدمة الشخصية والنفسية حالة ايجابية لكننا نمانع أن نصبح رهائن وأسرى ومدمنين على هذه «الشاشة التنويرية الكونية» بحيث تتحكم فينا لا نحن الذي نتحكم فيها كما هو حاصل الان , فهي تقتل ابداعاتنا الوطنية والأسرية والمجتمعية وحتى الدينية ونحن في مقتبل العمر الذي نحن بامس الحاجة اليه لتعزيز تلك القيم الهامة في حياة الشعوب.
واستطرد قائلا بدل ان يكتفي الشاب بقضاء الساعات الطوال امام «الفيس بوك» عليه ان يتجه ويشارك لمعرفة ما يحيط به في وطنه ليتحسس همومه ومشاكله ويشارك في العمل التطوعي , وأن يقضي وقته لبناء مستقبل مزهر والرجوع لواجباته المدرسية والجامعية ومجتمعه مع التواصل عبر هذه الشبكة لكن بحدود ترضى النفس قبل كل شي.
ودعا الشباب ان يعيدوا صياغة برمجة اوقاتهم وطموحاتهم وثقافتهم وقيمهم المجتمعية وحتى الدينية حتى لا نبتعد عن أوطاننا وهمومنا وعروبتنا وديننا وإنسانيتنا وأخلاقنا النبيلة التي تربينا عليها.
وقالت الطالبة في جامعة اليرموك ريما الشلول عندما نتحدث عن الفيس بوك نعلم جميعنا حجم اهمية الموضوع وخطورته في ذات الوقت، حيث انتشر بشكل لافت بين قطاع الشباب وهناك تعلق واسع للشباب فيه وتأثيره عليهم من طيلة الساعات التي يقضونها أمامه.
واضافت ان استخداماته وصلت لدرجة ان له اعراضا ظاهرة للجميع بما يعني انه عند البعض اصبح مرضا، لا سيما عندما يسمي البعض «الاكونت» الخاص به بعبارات ليس لها معنى أو بأسماء مستعارة أو أن يقوم بنشر ما هو غير صحيح, لذلك فأن استخدامه في غير مكانه يؤشر لدلالات ومعان خارج السياق.
واعتبر الطالب في جامعة آل البيت جعفر غازي ان المواقع التفاعلية من أهم وأبرز وسائل الاتصال الحديثة مابين الشباب لما شغلته من حيز واهتمام لديهم حيث يعد موقع « الفيس بوك» احد أبرز هذه المواقع وأكثرها انتشاراً؛ لسهولة استخدامه وتعدد الخدمات التي يقدمها للشباب وللمستخدمين عموما، إذ بات الوسيلة الأساسية لنقل وتبادل الأفكار والخبرات من خلال إنشاء مواقع شخصية ومجموعات تكثف من سبل التواصل مابين الأفراد.
ونوه إلى أنه يجب استخدام الفيس بوك ليس فقط لما تم استخدامه منذ اشهر وأصبح شبكة تريد اثارة السلبيات , حيث من الأفضل العمل من خلال التواصل بهذا الحجم ان نعزز مطالبنا الحقيقية التي تخص الشأن الشبابي الذي يقودنا إلى النمو والازدهار.
وقال الطالب في كلية عمان الجامعية مجاهد ابو زيد ان لمواقع التفاعل والتواصل الاجتماعي ايجابيات اذ تعمل على تجديد العلاقات الاجتماعية وبناء جسور من التواصل واكتساب مهارات وثقافات في مختلف المجالات بالاضافة الى سهولة إيصال الأفكار الى الآخرين من خلال مجموعات التي يقدمها الموقع.
ويجد أن بالرغم من الايجابيات الا ان هنالك بعضا من السلبيات التي قد تحول دون تحقيق تلك الفوائد نظرا لسوء الاستخدام وعدم وجود الوعي الكامل والرقابة بأشكالها على المستخدم، وهدر الوقت امام شاشات الحاسوب في اللهو والتقصير في تأدية الواجبات اليومية للشباب من طلبة المدارس والجامعات.